نواب وأكاديميون: تشريعاتنا تعزز ثقافة الاستهلاك وتؤثر سلبياً علىميزانية الدولة
تعليقك قيد المراجعه
ندى المطوع
15/05/2008 12:00 AM
|
حذروا في ندوة لمركز الدراسات الاستراتيجية من سياسة الإنفاق من دون دراسة
|
نواب وأكاديميون: تشريعاتنا تعزز ثقافة الاستهلاك وتؤثر سلبياً علىميزانية الدولة
|
سعيد عبدالقادر
|
|
حذر رئيس اللجنة المالية في مجلس الأمة النائب أحمد باقر من استمرار الدولة في زيادة الإنفاق الاستهلاكي على المواطنين من دون دراسات فنية كافية بصورة تعكس قدرتها على الاستمرار لعملية الإنفاق من جهة وتعالج مشكلة التضخم من جهة اخرى، مشيرا الى ان السلطتين التنفيذية والتشريعية اقرتا كثيرا من الاقتراحات والقوانين التي سببت زيادة الإنفاق الاستهلاكي ما أثر في ميزانية الدولة بشكل سلبي وارتفعت تكلفة الباب الأول للرواتب بشكل كبير من دون ان يشعر المواطنون بتحسن اوضاعهم المالية.
جاء ذلك في الندوة التي نظمها مركز الدراسات الاستراتيجية والمستقبلية بجامعة الكويت تحت عنوان «زيادة الراتب وعلاقتها بارتفاع الأسعار» وشارك فيها الدكتور عباس المجرن مدير وحدة الطاقة والبيئة بمركز التميز والاستاذ بقسم الاقتصاد في جامعة الكويت والدكتورة رولا دشتي رئيسة الجمعية الاقتصادية الكويتية وادارتها الدكتورة ندى سليمان المطوع بمركز الدراسات الاستراتيجية والمستقبلية في الجامعة.
وقال باقر: ان الباب الأول للرواتب في ميزانية الدولة ارتفع من نحو ملياري دينار في عام 2001 الى نحو 4.8 مليار دينار في ميزانية عام 2008، مضيفا ان باب الرواتب سيرتفع الى ستة مليارات عند اقرار زيادة الـ 50 دينارا التي وافق عليها مجلس الأمة اخيرا وزيادة الـ 120 دينارا التي اقرها مجلس الوزراء، واوضح ان المجلس اقر خلال السنوات الخمس الماضية كثيرا من الزيادة مثل اعطاء منحة للمواطنين 200 دينار بتكلفة بلغت 200 مليون دينار، ومنح الطلبة مكافأة 100 دينار من دون مقابل، واشار الى ان المجلس وافق ايضا على إعفاء المتقاعدين من الاستبدال مدى الحياة والاكتفاء بسداد رأسمال القرض من التأمينات الاجتماعية وزيادة رواتب المواطنين الى 50 دينارا وزيادة الحكومة رواتب المواطنين 120 دينارا، اضافة الى زيادة كوادر كثير من الجهات الحكومية، وأكد ان جميع تلك الاقتراحات اثرت بش==كل كبير في ميزانية الدولة ما قد يعرقل المشاريع الاستراتيجية الاخرى خصوصا ان سوق العمل تشهد زيادة في اعداد الباحثين عن عمل، موضحا ان 20 الف كويتي يدخل الى سوق العمل سنويا ما يخلق مشكلات مالية كبيرة في المستقبل، واشار الى وجود التزامات اخرى للدولة مثل القضية الإسكانية التي وصلت اعداد الطلبات الى ما يقارب 80 الف طلب اسكاني ووجود مشاريع استراتيجية مثل جسر بوبيان وغيرها من المشاريع، مضيفا ان الدولة ستواجه مشكلة كبيرة في معالجة جميع تلك الالتزامات في ظل تركز اقتراحات النواب على جانب الإنفاق والصرف.
وأوضح ان الحلول تتمثل في فتح باب الخصخصة مع إلزام القطاع الخاص بتوظيف الكويتيين، الأمر الذي يخفف على الدولة جزءا من الأعباء المالية وتوجيه اموالها الى مشاريع استراتيجية تخدم المجتمع.
النفط ثروة ناضبة
من جهتها قالت رئيسة الجمعية الاقتصادية الكويتية الدكتورة رولا دشتي، ان الدولة انفقت نحو 130 مليار دينار خلال السنوات الخمس الماضية على المواطنين على شكل زيادات في الرواتب ومنح وغيرها، الا ان الاوضاع المعيشية لم تتحسن، واضافت دشتي ان الدولة اذا ما استمرت على إنفاقها الحالي، فانها لن تستطيع الوفاء بالتزاماتها المالية بعد 10 سنوات حتى في حالة وصول سعر البرميل على 120 دولارا، موضحة ان ميزانية الدولة ستصل الى 28 مليار دينار بعد تلك المدة، واوضحت ان كثيرا من المواطنين يعتقد ان تحقيق فوائض مالية من بيع النفط يعني وجود فوائض فعلية، الا ان هذا الأمر غير دقيق، موضحة ان بيع النفط هو تحويل من ثروة نفطية الى ثروة مالية وليس عملية انتاجية. وشبهت النفط بالوديعة التي يتم سحبها وصرفها على الدولة، مضيفة الى ان النفط ثروة ناضبة، مما يجعل المستقبل «مخيفا» في ظل السياسة الاقتصادية الحالية للدولة.
وحذرت دشتي من الاستمرار في سياسة دعم الأسر ذات الدخل المرتفع وازدياد نسبة التضخم، مشيرة الى ان النسبة زادت منذ عام 2000-2005 بنسبة 1.75 في المئة سنويا، ومنذ عام 2005-2007 بنسبة تصل الى 3.5 في المئة سنويا.
وقالت دشتي ان 42 في المئة من الأسر يعانون اوضاعا اقتصادية سيئة، مقارنة بالسنوات الخمس الماضية، وأن 17 في المئة من الأسر لم يحدث اي تغيير على اوضاعهم الاقتصادية، مقارنة بالفترة نفسها.
حماية ذوي الدخل المحدود
ولفتت دشتي الى ان الهدف هو حماية الأسر ذات الدخل المتوسط وتعزيز نموها، بالإضافة الى توفير العيش الكريم لهذه الأسر عند التقاعد، وخلق فرص لتراكم الثروات لدى الأسر ذات الدخل المحدود والمتوسط لضمان الحراك الاجتماعي الإيجابي بين فئات المجتمع، مع استمرارية تطبيق هذه الأهداف عبر الأجيال.
وتحدثت دشتي عن الطبقة المحدودة والمتوسطة الدخل فقالت: ان الأسرة التي لها معاش شهري يقدر بـ720 دينارا هي اسر تقع في خط الفقر، والأسر ذات الدخل المتوسط المتدني يتراوح الدخل ما بين 720 و1440، اما ذوو الدخل المتوسط العادي فهو يتراوح ما بين 1440 و2160 دينارا، والأسر ذات الدخل المتوسط المرتفع ما بين 2160 و2880دينارا.
مجالات الإنفاق
وتطرق الى إنفاق الدخل وكيف يتم، فقالت: انه يتم إنفاق ما نسبته 25 في المئة من 35 في المئة في الأغذية، وفي الملابس ما بين 8 في المئة و10 في المئة، والاسكان 15 في المئة و30 في المئة والصحة والتعليم ما بين 2 في المئة و5 في المئة، اما النقل والمواصلات، فيتم انفاق ما بين 7 في المئة الى 10 في المئة من الدخل الشهري. وطالبت دشتي الحكومة بسياسات مواجهة كدعم السلع الغذائية، آخذة بعين الاعتبار طبيعة الاستهلاك للأسرة الكويتية واعادة النظر في نظام الجمعيات التعاونية وتعديله بسبب الفساد، والاحتكار وانحراف بعضها عن الأهداف، مع تخفيف العبء المالي للانفاق على الاغذية، كما طالبت المواطنين بالحد من الهدر في الطعام وفي النفايات المنزلية، وأشارت الى ان الأسرة تهدر بمعدل 1.5 - 2كلغم يوميا من الأطعمة.
الإسكان والتعليم والصحة
وأضافت: يجب ايضا تخفيف العبء المالي للإنفاق عن الإسكان، وقالت: ان على الحكومة ان تقوم بتحرير الأراضي، والحد من الاحتكار في مواد البناء، ادخال ادوات مالية متطورة (سندات طويلة الأجل). للحد من تكلفة الاقتراض، تعزيز موازنة بنك التسليف والادخار، تحسين الكفاءة والأداء للهيئة العامة للإسكان وتقليص الدورة المستندية لبناء البيوت الحكومية، اشراك القطاع الخاص. وناشدت دشتي المواطنين ببناء وشراء المنازل بما يتناسب مع الاحتياجات الحقيقية ولا يؤثر في استقرار الأسرة.
ارتفاع تكاليف الواردات
اما استاذ الاقتصاد بجامعة الكويت الدكتور عباس المجرن فقال ان السبب الرئيسي لارتفاع التضخم في الكويت هو ارتفاع تكاليف الواردات الخارجية اضافة الى ربط الدينار بالدولار خلال السنوات الماضية، مما جعل العملة الوطنية تتراجع امام العملات الأخرى، واضاف ان ارتفاع اسعار النفط من جهة وتوسع الدولة في سياسة الانفاق من جهة اخرى ادى الى زيادة التضخم، داعيا في الوقت نفسه الى مراجعة سلة السلع التي يتم بناء عليها قياس مستوى التضخم والتي لم يطرأ عليها اي تغير منذ السبعينات، واضاف المجرن ان من الاسباب الاخرى التي ساهمت في رفع مستوى التضخم التسهيلات التي تمت للمواطنين في منح القروض من قبل البنوك حيث زادت القروض الاستهلاكية الى اربعة اضعاف خلال السنوات الست الماضية، واوضح ان الحكومة سعت الى معالجة اوضاع التضخم من خلال فك ارتباط الدينار مع الدولار ما ساهم في تحسن قيمة الدينار، امام العملات الاخرى اضافة الى طلب البنك المركزي من البنوك تقليل الاستقطاع من رواتب المقترضين الى 30 في المئة. وأضاف ان من أهم القوانين الجيدة التي اقرت أخيرا هو حظر الشركات من بيع وشراء العقار في السكن الخاص، موضحا ان جميع تلك السياسات من الممكن ان تسهم في الحد من التضخم، وعن مستقبل النفط قال ان اسعار النفط مرهونة بالوضع الاقتصادي في اميركا، موضحا ان الركود في الاقتصاد الاميركي سيؤثر في الاقتصاد العالمي، ما يؤثر في الطلب على النفط ومن ثم تراجع اسعاره وخلق مشكلات مالية في ميزانية الدولة.
مشكلة حساسة
وأضاف: لا شك في ان مشكلة التضخم مشكلة شديدة الحساسية في دولة كالكويت نتيجة لاعتماد دخل السواد الأعظم من المواطنين على الوظيفة الحكومية، ما يعني ان أغلبيتهم هم من ذوي الدخل المحدود، وهي الفئة التي تتأثر اكثر من غيرها بارتفاع اسعار السلع والخدمات اذا لم يترافق هذا الارتفاع مع ارتفاع مواز في معدلات اجورها، ولكن كم هي معدلات التضخم الحقيقية في الكويت؟
وفقا للبيانات الرسمية المنشورة عن معدلات تضخم الاسعار في الكويت، ومن خلال قراءة التطور في الرقم القياسي للاسعار، لا يبدو ان هناك تضخما حادا أو مفرطا في اسعار السلع والخدمات في الكويت، ففي عام 2005 كان متوسط معدل الزيادة في اسعار المستهلك 4.3 في المئة، وفي عام 2006 كان هذا المعدل 3.3 في المئة وفي عام 2007 وصل المعدل الى 4.9 في المئة، وهذه معدلات يمكن معالجتها من خلال ادوات السياستين النقدية والمالية عادة، ولكن ما مدى دقة او مصداقية هذه المعدلات الرسمية، ان من حق المستهلك ان يشكك في هذه المؤشرات، خاصة في الشهور الستة الأخيرة التي شهدت ارتفاعا ملموسا في اسعار العديد من السلع والخدمات الضرورية المعروضة في الكويت، بدءا بالمنتجات الغذائية، ووصولا الى اسعار العقارات والخدمات التعليمية والصحية.
وأشار المجرن الى انه تجدر الإشارة الى ان ما استرعى اهتمام المشرعين ومتخذي القرار هو اعلان الادارة المركزية للاحصاء في اكتوبر الماضي، ان نسبة التضخم في أسعار المستهلك في الكويت قد بلغت نحو 7.3 في المئة، وهذا رقم قياسي بالنظر الى معدلات التضخم المسجلة في البلاد في السنوات الـ 15 الاخيرة، وقد نسب هذا التضخم بشكل اساسي الى الارتفاع في تكلفة السكن بنسبة 12.5 في المئة، والتعليم والصحة بنسبة 12.3 في المئة، والمشروبات والتبغ بنسبة 9.6 في المئة، واجور النقل بنسبة 7.3 في المئة والملبوسات بنسبة 5.1 في المئة والمواد الغذائية بنسبة 4.84 في المئة أما باقي البضائع والخدمات فلم تتعد نسبة ارتفاعها 2.5 في المئة.
وما يستحق الذكر ايضا هو ان ارتفاع أسعار المواد الغذائية في الربع الثالث من عام 2007 وهي السلع التي احتلت المرتبة الأولى في معدلات التضخم في الكويت في تلك الفترة قد سجل أعلى ارتفاعا له بنسبة 6.8 في المئة في يوليو وهو ارتفاع يقل عن نظيره في عام 2005 عندما سجلت اسعار السلع الغذائية اكبر صعود قياسي (8.6 في المئة).
واضاف: لا شك في ان معدل التضخم قد شهد زيادات ملحوظة في الاشهر الاخيرة، وهي زيادات قد تفوق معدلات التضخم المعلنة رسميا ولكننا لسنا متأكدين بالضبط من النسب الفعلية والمؤثرة لهذه الزيادات، لكي نعرف طبيعة القرارات اللازمة للمحافظة على مستوى المعيشة في البلاد ولعل التساؤل عن مدى مصداقية الرقم القياسي لسعر المستهلك وقدرته على التعبير عن التغير الحقيقي الذي يطرأ على مستويات المعيشة في الكويت، امر مشروع وضروري، وهذا يدعونا الى ان نكرر دعوة سبق ان اطلقها خبراء اقتصاديون بضرورة اعادة بناء الرقم القياسي لأسعار المستهلك بطريقة علمية موثوقة ودقيقة مع اشراك جهات خاصة تتميز بالموضوعية والحياد ليمكن الركون الى مؤشرها في قراءة التحولات التي تحدث في مستوى المعيشة في البلاد، خاصة وان اي زيادة في الاجور، ينبغي لها ان تكون متسقة مع معدلات التضخم لكي تضمن عدم التدهور في القوة الشرائية للاجور ومن ثم عدم التدهور في مستوى المعيشة.
أسباب التضخم
وقال المجرن: ان من بين مختلف مسببات التضخم تأثر الكويت بدرجة رئيسة بالتضخم الناشئ عن ارتفاع تكاليف الانتاج في الدول المصدرة للكويت التي تعتمد اعتمادا مفرطا على الواردات، كما يرجع جزء كبير من ارتفاع اسعار السلع في السوق المحلية في السنوات الاخيرة الى اسباب اخرى من اهمها ربط سعر صرف الدينار الكويتي منذ الخامس من يناير عام 2003، وحتى العشرين من مايو 2007 بسعر صرف الدولار الاميركي ما ادى الى تدهور قيمته امام العملات الاخرى مثل اليورو والجنيه الاسترليني والين الياباني وحتى اليوان الصيني.
وقال المجرن ان السبب الثاني لهذا التضخم ناتج عن الارتفاع القياسي في اسعار النفط الخام وهو المصدر الاساسي للوقود المستخدم في تشغيل المصانع وفي نقل السلع من مكان الى آخر ما يسهم في زيادة تكاليف انتاج السلع المصنوعة والمزروعة ليس في البلدان الصناعية فقط، بل في كل البلدان النامية ايضا، ولا يتوقف الارتفاع في تكلفة انتاج هذه السلع عند حدود ارتفاع تكلفة الوقود وانما يمتد الى ارتفاع اجور العمالة التي ترغب بالمحافظة على مستواها المعيشي المتدهور من جراء الارتفاع في اسعار السلع والخدمات، الأمر الذي يدفع الى دورة جديدة من ارتفاع التكاليف ومن ثم استمرار التضخم في الاسعار. وأضاف: اما السبب الثالث للتضخم فيرجع الى آلية النمو الاقتصادي في الدول النامية المصدرة للنفط، اذ يعتمد هذا النمو بدرجة رئيسة على الدخل المتحقق من النفط الخام، وكلما ارتفعت اسعار النفط وزاد هذا الدخل توسعت الدولة في الإنفاق، وهو توسع يؤدي إلى آثار تضخمية مؤكدة، وفي ظل التنافس الجاري بين دول منظومة مجلس التعاون خاصة بين الامارات وقطر والبحرين على انجاز مشروعات البنية التحتية وتنمية قطاعي الاستثمار السياحي والعقاري التجاري، تزداد حدة ارتفاع الاسعار في المنطقة بدءا بمواد البناء، واجور السكن ووصولا الى تكلفة العمالة والمعيشة بكل مستوياتها وتأثرها، وقد حاولت دول المجلس كل وفق اسلوبها معالجة هذه المشكلة فاختارت دولة الامارات وقطر مثلا اسلوب رفع الاجور لعموم موظفي القطاعين العام والخاص بنسب متفاوتة، بينما اختارت الكويت سياسة تحسين مرتبات الكوادر العاملة في الوظائف ذات الطابع المهني والفني الخاص. ولفت الى ان رابع الاسباب يعود الى توافر التمويل الاستهلاكي من قبل القطاع المصرفي الذي يملك فائضا ملموسا من السيولة النقدية، اذ ارتفعت في الفترة بين عام 2000 وحتى سبتمبر 2007، ودائع القطاع الخاص من 7.7 مليار دينار الى 17.6 مليار دينار، بينما ارتفع اجمالي القروض خلال الفترة نفسها من نحو 5 مليارات دينار الى 18.7 مليار دينار، وبلغ عدد القروض الاستهلاكية والمقسطة 460 الف قرض بقيمة 4.5 مليار دينار، ولا شك في ان لهذا الائتمان الكبير دورا اساسيا في حفز الطلب وارتفاع الاسعار. وقال المجرن ان المشكلة الرئيسة في تقديري تكمن في عدم توافق السياسات الحكومية المتخذة في معالجة التضخم في الكويت، بل ولست ابالغ ان وصفتها بالتناقض، فبينما تحتاج معالجة التضخم إلى سياسة انكماشية وهي السياسة التي اتبعها البنك المركزي خلال السنة الماضية نجد ان السياسة المالية للدولة والتي تتحكم السلطة التشريعية في توجيه دفتها هي سياسة توسعية محورها زيادة الرواتب وزيادة الانفاق العام ولعل نظرة سريعة إلى قرارات السياستين النقدية والمالية في الفترة القصيرة السابقة توضح هذا التناقض.
معالجة التضخم
وتحدث المجرن عن الكيفية التي تمت معالجة التضخم من خلالها فقال: لقد بذلت السلطتان التشريعية والتنفيذية جهودا حثيثة في محاولتهما لمواجهة ظاهرة التضخم في الكويت، ولكن مشكلة هذه الجهود انها لم تأت ضمن برنامج متكامل الأهداف او واضح المعالم، بل أتت متناقضة بعضها مع بعض في كثير من الأحيان.
***********************************************************
مستقبل التضخم
قال المجرن: ان التوقعات المستقبلية للتخضم في الكويت تعتمد على مسار حزمة من المتغيرات، وبيانها كالتالي:
- مستقبل اسعار النفط في ظل التوقعات الراهنة بدخول اقتصاد الولايات المتحدة ومعه الاقتصاد العالمي مرحلة الركود الاقتصادي، مما سيترتب عليه تراجع مستويات الطلب العالمي على السلع والخدمات، وتراجع معدلات الطلب على النفط الخام، ومن ثم تراجع اسعار النفط، وكلا العاملين اي (تراجع الطلب على السلع والخدمات وانخفاض اسعار النفط) من شأنهما ان يؤديا الى انكفاء حدة التضخم النقدي، ويعتمد كل ذلك على طبيعة مسار السياسات المالية والنقدية في الولايات المتحدة، التي ارجو الا تستمر في منحاها الراهن، اي محاولة انقاذ الاقتصاد عن طريق السياسات المالية والنقدية التوسعية، مثل خفض سعر الخصم، واستقطاب السيولة من الصناديق السيادية، وتوفير السيولة للقطاع المصرفي لمساعدته على تجاوز ازمة الرهن العقاري، وتشجيع التدهور المستمر في سعر صرف الدولار الاميركي، بهدف زيادة القدرة التنافسية للمنتجات الاميركية، فهذه سياسات محفزة للتضخم النقدي، ليس على مستوى الاقتصاد الاميركي فحسب، وانما على مستوى الاقتصاد العالمي، ولن تحل المشكلة الراهنة، التي يبدو كما يجمع عدد كبير من المحللين، انها قد تحولت من ازمة ائتمان الى ازمة ثقة في قدرة الاقتصاد الاميركي على تجاوز معضلة التضخم الركودي الحالية، ولكن المشكلة تكمن في ان الركود الاقتصادي العالمي وما يترتب عليه من تراجع في سعر النفط، سيحمل معه ايضا عدم قدرة المالية العامة على الوفاء بمتطلبات مصروفاتها، التي تضخمت في الاعوام القليلة الفائتة، بسبب زيادة الايرادات النفطية.
- طبيعة السياسات المحلية المتعلقة بالقروض المصرفية، والتي قد ينتج عنها خفض او زيادة معدلات الائتمان المصرفي، مما يؤدي في نهاية المطاف الى خفض او زيادة معدل النمو في الانفاق الخاص، وخصوصا على السلع المعمرة، ومن ثم خفض او حفز مستوى التخضم المحلي، ولا شك في هذا السياق ان اصدار قانون مناهضة الاحتكار وتفعيل الرقابة الحكومية على الممارسات الاحتكارية، واطلاق المنافسة وتنشيط عمليات الرقابة على اسعار السلع والخدمات، وخصوصا الضرورية منها، مثل السلع الغذائية ومواد البناء وخدمات السكن والرعاية الصحية والتعليم، من شأنه ان يحد من تفاقم ظاهرة ارتفاع الاسعار، او كما اقترح بنك كريدي سويس في تقريره الاخير عن مستقبل الاقتصاد الكويتي، في ان تقوم الحكومة بالمساعدة على استيعاب التضخم، عن طريق تخفيض الانفاق العام على المشروعات، مثل تأجيل بعض المشاريع الاستثمارية طويلة المدى وزيادة الدعم المقدم لتخفيض اسعار سلع استهلاكية مختارة.
- مدى قدرتنا على توفير بيانات اكثر دقة ومصداقية عن المتغيرات الاقتصادية المحلية، ذلك ان نجاح السياسات الاقتصادية في معالجة اوجه الاختلال في الاقتصاد المحلي مرهون بتوافر المعلومات والبيانات الدقيقة لصانعي هذه السياسة، وبقدرتهم على قراءة هذه البيانات وتحليلها، ولم يعد من المقبول وجود بيانات وتقديرات اقتصادية رسمية متفاوتة ومتضاربة.
- مدى النجاح في التخفيف من القيود المفروضة على جانب العرض، في مقابل سرعة ارتفاع الطلب في كثير من القطاعات الاقتصادية الاساسية، مثل قطاعات السكن والبناء والعمالة، وهي احد مسببات التضخم (كريدي سويس)، وتعمل السياسات الاجتماعية للحكومة وهباتها المالية على عدم تشجيع الشباب الكويتي على الانخراط في القوى العاملة في القطاع الخاص.
|
|
|
|
http://www.alwasat.com.kw/Default.aspx?pageId=117&MgDid=52144