تفاصيل المقال
فنون التلاعب.. في ترسيم الدوائر....د.ندى المطوع
تعليقك قيد المراجعه
عندما قام ... جيري , حاكم ماساشوستس , بصياغة نظام لتوزيع الدوائر لإحدى المقاطعات الأمريكية عام 1812 بصورة تسمح لحزبه بالفوز بالانتخابات , سميت أولى أساليب التلاعب بالدوائر باسمه " جيريماندرينج" او الجيريماندرية بعد تعريبها, حيث استند نظام "التقسيم التفضيلي" كما سمي لاحقا , على إعادة ترسيم مقاطعة "اسكس" بصورة سمحت لحزب حاكم الولاية بتحقيق الأغلبية الفائزة.
بعد تلك الواقعة بدأ التسابق بين الأنظمة البرلمانية في وضع أسس وأطر لتحديد النظم الانتخابية ووضع الضمانات لحمايتها من التلاعب .
لا شك أن موضوع توزيع الدوائر الإنتخابية والذي اعتبره الخبراء الإقليميون , من خلال إحدى ورش العمل التي حضرتها ضمن مؤتمر اسطنبول الأسبوع الماضي, أحد سبل إصلاح النظم الانتخابية, الأول من حيث ترتيب المواضيع حسب الأهمية , ليس تحديد و توزيع المناطق فحسب, ولكن إسناد مسؤولية التوزيع , فهل يسند للسلطة التنفيذية أم للتشريعية ؟ وهل فعلا دساتير الدول التي أسندت تقسيم الدوائر للسلطة التشريعية راعت العدالة والنزاهة في التوزيع ؟ أم تفننت في "التلاعب الدوائري" واستغلت التقسيم لمصلحة الأغلبية البرلمانية؟
بعض الدول أسندت التقسيم للسلطة التشريعية و تضمنت بعض مواد دساتيرها ضوابط ربطت عدد سكان الدوائر بعدد النواب الممثلين لهم , ودول أخرى لم تشترط التساوي أو التماثل من حيث حجم الدوائر على أساس أن النائب يمثل الأمة بأسرها,
ودول فضلت إنشاء مجالس دستورية لمراقبة القوانين الصادرة عن السلطة التشريعية الخاصة بعملية التقسيم .
وأخيرا , ما بين جهود الاتحاد البرلماني الدولي و معاييره الدولية لتقسيم الدوائر الانتخابية و جهود الأمم المتحدة و إنشائها وحدة للمساعدة الانتخابية ,و اختلاف بعض الوفود المشاركة , وأغلبها من دول العالم الثالث , على السبل الواجب مراعاتها عند التقسيم وعلاقة عدالة التوزيع بنزاهة الانتخابات , وتفسير مصطلحات "دوائرية" كارتفاع منسوب التمثيل في بعض الدوائر وانخفاض المنسوب في دوائر أخرى , جلست كاتبة المقال على مقعد عثماني فخم جنبا إلى جنب مع ممثلي الدول المتقدمة ديمقراطيا و"دوائريا" متابعة للنقاش المثير ومتسائلة عن علاقة مدينة" تقسيم" التركية مقر المؤتمر بتقسيم الدوائر , مؤمنة بضرورة وجود لجنة برلمانية خاصة للدوائر بمجلس الأمة الكويتي , متذكرة شاعر المجلس القائل : " ما أشبه الليلة بالبارحة" !. نشر في صحيفة الراي 2006 د. ندى المطوع